الأحد، 19 سبتمبر 2021

إقامة الشهادة في الطلاق ماذا تعني؟؟ + الطلاق في سورة الطلاق في 3 محطات زمنية رئيسية

إقامة الشهادة في الطلاق ماذا تعني؟؟ + الطلاق في سورة الطلاق في 3 محطات زمنية رئيسية

 ولأن التكليف بإقامة الشهادة لله يُفترض فيه:

إقامة الشهادة في الطلاق ماذا تعني؟؟

وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ 

وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2)

 وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ 

وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ 

 

إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) 

ماذا يدل عليه معني الإشهاد كتكليف حاسم من الله لعبادة  

 

قلت المدون فبعد نزول سورة الطلاق{الآية ... فأمسكوهنَّ بمعروف أو فارقوهنَّ بمعروف وأشهدوا ذوي عدلٍ منكم وأقيموا الشهادة لله...} لم يعد  أمر الطلاق أمراً فرديا يقوم به الفرد في أحيانه الكثيرة دون أن يعلمه مجتمع المسلمين خاصة في أمر هدم البيت المسلم بالطلاق وخاصة كما كان في سابق التشريع أيام سريان أحكام الطلاق المسندة تشريعا لسورة البقرة في العامين الأولين للهجرة

ولأن البيت المسلم والأسرة هي النواة الأولي للدولة الإسلام  فقد شاءت إرادة العزيز الحكيم أن يكون أمر الطلاق مسألة تخص كيان الدولة المسلمة بشكل لا تهاون فيه بعد تنزيل سورة الطلاق إبان العام السادس أو السابع الهجري لما في البيت المسلم من أهمية كبري في كيان الدولة المسلمة فبعد أن كانت مسألة الطلاق مسألة شخصية : كانت نقطة اشتعالها كلمة يقولها الزوج المسلم فتصير موضوعا قد لا يهم أكثر من صاحبه أو بعض جيرانه أضحي الأمر عظيما بعد تنزيل سورة الطلاق فأنشأ الله العلي الكبير عمادا إجتماعيا اندقت أوتاده في أرض متينة التجدير وارتفعت هامته في أعلي أعالي السماء يراه القاصي والداني ويعرفه الذاهب والغادي وذلك بأعظم منهجٍ كلف الباري به كل المجتمع المسلم تكليفا لا تهاون فيه ولا تدليس ولا تسويف ولا تورية بل صريح بيِّن واضح عال يهتم به أدني المسلمين وأعلاهم قامة وقيمة {هذه هو منهج الشهادة علي حدث الطلاق باثنين ذوي عدل من المسلمين كحدٍ أدني كما أن حده الأعلي مترام لما بعد حدود دولة المسلمين الأولي في شبه الجزيرة العربية} إقامة الشهادة لله علي حدث الطلاق بعد أن كان حدث لا يتعدي حدود البيت الذي كان الطلاق يتم فيه اللهم إلا رسول الله صلي الله عليه وسلم ليس من مكانة القيادة بل من مكانة الحب والرغبة في أن يعرف كل حدث في كثير من الأحيان 

 

وقد شُرِّع أساس إقامة الشهادة لله للآتي :

   1.انهاء كل خلاف في شأن الطلاق(بين القائلين في المذاهب علي اختلاف أنواعها) وبين الزوجين*دون أن ينطق أحد أو يفتي كائن من كان في أمر الطلاق ففرض الإشهاد قضي علي التدخل بالرأي في أي حكم من أحكام الطلاق لأن الله لا يكلف بإقامة الشهادة لله علي أمر متشابهٍ من المنازعات التي يتخولها كلٌ حسب فهمه ومقصودة .

   2.ذلك ولأن التكليف بإقامة الشهادة لله يُفترض فيه: 
1.وضوح القصد الإلهي في التشريع   2.وانعدام كل ذرة قد يدخل الباطل اليها   

  3.فلا شهادة علي باطل ولا شهادة علي زور ومن الباطل والزور انعادم مبدأ إقامة الشهادة لله بعد وضوح الأحكام واختلاف الناس في أوضاع الزوجين المطلقين
أ )انعدام وجود متشابهات فيما سيقام عليه الشهادة. ب) بعدم وضوح الرؤية 

   ج)أو تواجد الغباشة في المشهد د )أو البهوت في الرؤية هـ)أو انعدام عناصر المقياس الثابت لإقامة الشهادة في الزمن أو التاريخ أو المكان أو التعرف علي مسميات المُطَلَّقَيْنِ أو أعيانهم أو ماهياتهم أو أسمائهم وأن لا يكونا مجهولين الهوية للشهود وهل أدوا شروط التكليف التي أمر الله بها {ليس كما في عقول ومقاصد الرجال والفقهاء باستثناء(رسول الله صلي الله عليه وسلم)أيما يكون علوهم وقيمهم بل بمقصد الله الباري وتطبيق رسول الله البيِّن الواضح 

4.فمن إقامة الشهادة الحق لله الواحد أن يتم بالفعل(ويعلم الشهداء دون محاباة لبشر)الآتي :

      أ) أن يكون الزوجان قد تمما عدة الإحصاء وقدرها في ذوات الأقراء ثلاثة قروء ينتهين بالطهر الثالث(طهر الطلاق والإشهاد علي الفراق) 

 

      ب) وفي حال الزوجة الَّتي لا تحِيضْ أن يتأكد الأشهاد أنهما قد تمما(هي مع زوجها داخل بيتهما) انقضاء عدة أشهرها القمرية المنتهية بعد انقضاء الشهر الثالث بالتقدير القمري ولا يصلح أي تقدير غير التقدير القمري وأن يكون الزوجان قد أحصياها(يتم بعدها التفريق والإشهاد عليه) لقول الله تعالي(إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله) وقوله تعالي (ويسألونك عن الأهلَّة قل هي مواقيت للناس والحج) 
 

      ج)وأن يعاين الشهداء/ /وجودهما بالفعل في بيت الزوجية حال الشهادة فإن لم يكن أحدهما في بيت الزوجية فلا شهادة ولا إقامة لشهادة الله علي الحدث لأن الله تعالي فرض عدم إخراجهن أو خروجهن من بيتها الذي هو بيته وأكد علي ذلك بآيتين في صفحة التنزيل الخالد إلي يوم القيامة وما بعد يوم القيامة هما :

 

         / (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقو الله ربكم {لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن}/سورة الطلاق1) 

         / وقوله تعالي أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم {سورة الطلاق} 


ودائما أي تكليف يكون فيه {وأقيموا ... يتأكد فيه مراعاة: 1.عنصر الوقت /وتوقيته 2.وعنصر المكان واتجاهه 3.والعنصر البشري وأعداده 4.وعنصر المكان ومعاينته وتحديده  5.وشائر شروط إقامته التوقيفية  ......}

  وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)/سورة الطلاق

  ---------------------

 

بسم الله الرحمن الرحيم

يمر طلاق سورة الطلاق في 3 محطات زمنية رئيسية

1. الاولي محطة زمن الشروع وهي متحركة للأمام تمر كما تمر عقارب الساعة في صمت يكاد لا يستشعر ولا يحس لبطئه

2. الثانية محطة زمن التحقيق {التطليق}

3..........

3 الثالثة محطة زمن ما بعد الطلاق

وكلهم يتعاقبون في خط زمني تتغير في زمانه المحدد كل محطة

1. اولا نقطة زمن الشروع

     - مدة زمانها {عدة الاحصاء}  وهي المدة التي يشْرُعُ الزوج فيها بالتأهب للطلاق بعد نهاية زمانها – يعني اخر العدة –

      - تتميز هذه الفترة بأنها فترة يتم فيا تبليغ الزوجة برغبة زوجها في تطليقها والتهيئ  من كلا الزوجين للفراق عندما يأتي عليه عقارب ساعتة الزمنه

     - يمتنع بتاتا فيها أي تلفظ بالتطليق لأن وقت تحقيقة لم يحن هكذا قضي الباري تعالي وحكم  ومن تلفظ بالطلاق فلا قيمة لتلفظه وهو تلفظ مهدر لا قيمة له .

     - وتتميز هذه الفترة أيضا بأن بدايتها هو اعلان الزوج زوجته برغبته في تطليقها ونهايته أن يمسكها فلا يطلقها ولا يدلف بها الي المرحلة الثانية مرحلة التحقيق حتي يتأكد الزوج من رغبة  من أنه محقق التطليق لا محالة  في المرحلة الثانية وهي مرحلة التطليق القابعة هناك بعد تمام العدة وانتهائها نهائيا

 

     - كما تتميز هذه الفترة الزمنية-الشروع- والمتحركة كعقارب الساعة لا تكاد تري وهي تمشي بالزمان الي فترة التحقيق بصمت قاسٍ مؤلم وسبب قسوته وايلامه هو التهاب الغرائز بينهما وتضييق الشرع عليهما  في مكان الإقامة المحتم بيتها بيته –لعله يتراجع عن قرار التطليق السائران إليه بعد انتهاء العدة- وكذلك نومها مع زوجها في بيت واحد علي ان لا تخرج الزوجة من البيت ولا يخرجها الزوج تحت اي ظرف الا لظرف حدوثه في عموم المجتمع المسلم يكاد يكون مستحيلا وهو ارتكابها فاحشة مبينة { والفاحشة المبينه هنا هي الزنا ورغم أن اتيانها له شبه مستحيل الا ان الله تعالي لم يذكر سواه للتدليل علي ان بقاء الزوجة المنذرة بالتطليق وجها لوجه مع زوجها لا سبيل غيره للوصول الي زمن المرحلة التحقيقية الثانية ولا يجوز لهما أي استثناء اخر بقطع لا هوادة فيه ولا تهاون دونه والا فسدت كل اجراءات الاعتداد وبطل شأن التطليق.}   

     - وتتميز هذه الفترة أيضا بأنها فترة نظر ومجس للنفس لكلا الزوجين:

 *هل سيستطيعا الفراق علي الحقيقة؟

 *ام سيتراجعا عنه وهما في  فترة الشروع التي جعلها الباري جل وعلا  تحجب الزوج عن قراره طول العدة 

 1/3.أشهر قمرية

 2. أو طول مدة الحمل 

أو3.  3 أقراء-  والقرأ حيضة وطهر 

*ليقيس الزوج مقدرته علي فراق زوجته *وقدومه علي تدمير أسرته وضياع أولاده أو أطفاله منه

*وهي اجراءات قاسية خاصة في ظل الإستثناءات اللصيقة لكليهما في بوتقة -تنصهر فيها كل الوجدان والعواطف بينهما -وتشتعل فيها لهيب الغريزة بينهما مدة ليست بالقليلة نسبة الي هذا العبأ العاطفي والوجداني والغريزي فهي طول مدة العدة التي حبسهما الباري فيها بشكل تري فيه كل ثورات الغريزة والعواطف الجياشة التي قد لا يصبرا عليها فيحدث بينهما بعد ذلك تراجع بسبب معاينة كلاهما للحرمان الغريزي والعاطفي  المفروض جبرا عليهما ليس لأنه حرام بينهما فهما مازالا زوجين يحل لهما ما يحل لكل زوجين- إنما  شرط لكي يصلا الي نهاية العدة دون جماع لوجوب بلوغ الأجل بدون جماع  في المرحلة الثانية الاتية حيث تبدأ مرحلة التطليق لتحقيق الزوج ما شرع وبدأ فيه واختاره  واجتاز المدة التي فرضها الله تعالي بينهما فإن أفلحا في اجتيازها وتخطَّوها من غير جماع فقد أفلح الزوج في تخطي كل مرحلة الشروع بنجاح هادم للزوجية  ليدلف الي مرحلة التطليق وتحقيقة 

     - كما أن اخر هذه المرحلة أنه  له أن يمسكها وهدم اجراءات العدة {فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف..} وكلمة او هنا هي  نهاية المرحلة الاولي {الشروع} وبداية المرحلة الثانية {التحقيق}  والاسلوب  هذا هو التخيير بين اخر مرحلة الشروع والتهيأ للطلاق وبداية المرحلة الثانية { التحقيق} لتحقيق ما قد شرع فيه الزوج الراغب في الطلاق  والتهيأ له {الزوج}   وبرغم أن الله تعالي خيرة بالامساك دون ملامة ولا جناح ولا مساءلة  . وهنا تنتهي فترة الشروع ليبدأ زمن الفترة الثانية وهو زمن التحقيق أي تحقيق الطلاق الذي شرع في مراحلة الزوج  

     - دليلها القاطع {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5) /سورة الطلاق}

1- فمرحلة الشروع دل عليها جملة الشرط غير الجازم { إذا طلقتم ... فطلقوا..... بالضبط مثل { إذا صليتم فتوضؤوا}  وهو اسلوب من  جملة واحدة فيها فعل الشرط ويتميز بأنه فعل ماض وجواب شرطه فطلقوا وهو فعل أمر دال علي زمن تحقيقه في مستقبل محدد من الزمن الاتي مستقبلا  .. والمعني هنا في أنه نداء للنبي والمؤمنين كلهم ان من أراد أن يطلق امرأته فليطلق في مستقبل زمنه بعد انتهاء مدة العدة ودلت اللام الملصقة بلفظ لـ  عدتهن علي انها لام بمعني بعد لعدم مجيئ قرينة دالة علي غير ذلك ولأنها تدخل علي الأسماء لا الأفعال ولكون زمن تحقيقها يكون بعد حدث ذكر في الاية دال علي مستقبل آت من زمان حدوثها بلوغ عدتهن  {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمة ُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِــ  عِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ **6جمل اعتراضية***{ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ }

وهذه الجمل القرآنية الست 6جمل التي وضعتها بين القوسين وتحتها خط هي جمل اعتراضية تخللت السياق ووضعت مكانها خمس 5 نجمات  {1.وَاتَّقُوا اللَّهَ  رَبَّكُمْ    2.لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ   3.وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ 4.وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ     5.وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ    6.لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ يستكمل ان شاء الله

************.***************

أما المرحلة الثانية هي مرحلة التحقيق {التطليق}

ومن لزومها

1. حضور الزوجين وجها

2. حضور الشاهدين العدلين

3. التلفظ بالطلاق أمامهما لكم قبل التلفظ بالطلاق لابد لهما من التأكد عل ما سيشهدان عنه  فإن استوفوه بالقسط فليشهدا علي الطلاق أما ما يجب عليهما إستيفائه قبل الشهادة فهو :

a}التثبت من أن الزوجين أحصيا العدة لقوله تعالي{وأحصوا العدة}

B}وأنهما ظلا مع بعضهما في بيت واحد طول أيام وليالي العدة

C}وأن الزوج لم يخرجها من بيتها

D}وأن الزوجة لم تخرج بتاتا في العدة

E} وأنه اي الزوج لم تقع منه مضرة لزوجته في العدة

F}وأنه أسكنها وأطعمها وأنفق عليها خلال عدتها

G}يعرضا عليه نصحا التراجع عن التطليق وإمساكها علي حال زوجيتها لقول الله تعالي{فأمسكوهن بمعروف أو....}

H}فإذا استوفوا كامل ما سيشهدا علية سمعوا منه التلفظ بالطلاق وقاما بالتفريق بينهما الي بيت وليها وإن وجدا أي مخالفة في أحد هذه الوقائع امتنعو عن الشهادة الي أأن يعيد عدتهما بنفس المراحل الزمنية  حتي تحدث الشهادة في المرة التالية بنفس الاحترازات المذكورة آنفا فإن عجز الزوج عن تنفيذ اي فرض في شروط التطليق فلا سبيل له أن يطلق وبذلط أصبحت اقامة الشهادة لله بعدالة الشاهدين هي العقبة الثانية للأزواج في طريق طلاق الأزواج بعد العقبة الاولي وهي  هـرم العدة بمدتها.

وبذلك يتحقق الطلاق ولا سبيل آخر لتحقيقه مطلقا الا بهذا الشرع المنزل في سورة الطلاق5هـ

3.

المرحلة الثالثة مرحلة ما بعد الطلاق

 

 ******** *بداية أحكامهما كمطلقين     è .

ß  فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ   فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ هو المقصود في كلامي بالنفقة عليها --مجازاً  لكن علي الطفل حقيقة   {لأنه طلقها بعد عدتها وصارت أجنبية عليه ولم يمسكها}//

وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ {لأنه طلقها بعد عدتها وصارت أجنبية عليه ولم يمسكها}

وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6) {لأنه طلقها بعد عدتها وصارت أجنبية عليه ولم يمسكها}

لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7) فالانفاق هنا غلي الرضيع ولأجله فرض الله علي أبيه  الانفاق-كأجر ارضاعه وليس نفقة اقامة ومن الجائز أن لا يقيم طفله معها عند أوليائها ويعطيها أجر الارضاع - لهما كلٌ بصفته: *لمطلقته بصفتها ترضعه *وللوليد الطفل بصفته رضيعا يحتاج لمن يرضعه

B/المضارة  لها شق واحد فقط وزمنه المتاح للزوج الكائد هو : وهي تعتد معه في اثناء محبسها في البيت وكنهها زوجة لتأجيل التلفظ بالطلاق جبرا / لــ  بعد/ العدة  والحبس في البيت جاء من تكليفها بأن لا تخرج ومن تكليفه بأن لا يخرجها

C/ الانفاق عليها كيف؟ {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ{في العدة حين كانت ما تزال زوجة}  

 فحين كانت حاملا كانت زوجة فلما انتهي حملها الذي أوقف مشروع الطلاق  حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ   ثم

هنا وبعد الولادة قد وضعت الزوجة حملها وبادرها زوجها حتي قبيل المباغتة بثوانٍ بالتلفظ بتطليقها  فصارت مطلقة لتوها وتحول الاهتمام الي بتبعات ما كان زواجا  قبلا وذبح الزوج عقد زواجه بها علي عتبة الخراب المرتقب الا ما شاء الله تعالي

وبدأ بينهما  التفاهم علي أشلاء ما تبقي لهما :

/D  فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ

H / وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى  ... 

   فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ   فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ هو المقصود في كلامي بالنفقة عليها --مجازاً  لكن علي الطفل حقيقة   {لأنه طلقها بعد عدتها وصارت أجنبية عليه ولم يمسكها}//

وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ {لأنه طلقها بعد عدتها وصارت أجنبية عليه ولم يمسكها}

وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6) {لأنه طلقها بعد عدتها وصارت أجنبية عليه ولم يمسكها}

لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ 

 وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7) 

* فالانفاق هنا علي الرضيع ولأجله فرض الله علي أبيه  الانفاق-كأجر ارضاعه وليس نفقة اقامة 

**ومن الجائز أن لا يقيم طفله معها عند أوليائها ويعطيها أجر الارضاع - لهما كلٌ بصفته:

*لمطلقته بصفتها ترضعه

*وللوليد الطفل بصفته رضيعا يحتاج لمن يرضعه

للموضوع بقية ان شاء الله  




1. اولا نقطة زمن الشروع /1- مدة زمانها {عدة الاحصاء} وهي المدة التي يشْرُعُ الزوج فيها بالتأهب للطلاق بعد نهاية زمانها – يعني اخر العدة /2- تتميز هذه الفترة بأنها فترة يتم فيا تبليغ الزوجة برغبة زوجها في تطليقها والتهيئ من كلا الزوجين للفراق عندما يأتي عليه عقارب ساعتة الزمنه /- يمتنع بتاتا فيها أي تلفظ بالتطليق لأن وقت تحقيقة لم يحن هكذا قضي الباري تعالي وحكم ومن تلفظ بالطلاق فلا قيمة لتلفظه وهو تلفظ مهدر لا قيمة له/ وتتميز هذه الفترة أيضا بأن بدايتها هو اعلان الزوج زوجته برغبته في تطليقها ونهايته أن يمسكها فلا يطلقها ولا يدلف بها الي المرحلة الثانية مرحلة التحقيق حتي يتأكد الزوج من رغبة من أنه محقق التطليق لا محالة في المرحلة الثانية وهي مرحلة التطليق القابعة هناك بعد تمام العدة وانتهائها نهائيا /5- كما تتميز هذه الفترة الزمنية-الشروع- والمتحركة كعقارب الساعة لا تكاد تري وهي تمشي بالزمان الي فترة التحقيق بصمت قاسٍ مؤلم وسبب قسوته وايلامه هو التهاب الغرائز بينهما وتضييق الشرع عليهما في مكان الإقامة المحتم بيتها بيته ونومها مع زوجها في بيت واحد علي ان لا تخرج الزوجة من البيت ولا يخرجها الزوج تحت اي ظرف الا لظرف حدوثه في عموم المجتمع المسلم يكاد يكون مستحيلا وهو ارتكابها فاحشة مبينة { والفاحشة المبينه هنا هي الزنا ورغم أن اتيانها له شبه مستحيل الا ان الله تعالي لم يذكر سواه للتدليل علي ان بقاء الزوجة المنذرة بالتطليق وجها لوجه مع زوجها لا سبيل غيره للوصول الي زمن المرحلة التحقيقية الثانية ولا يجوز لهما أي استثناء اخر بقطع لا هوادة فيه ولا تهاون دونه والا فسدت كل اجراءات الاعتداد وبطل شأن التطليق.} /6- وتتميز هذه الفترة أيضا بأنها فترة نظر ومجس للنفس لكلا الزوجين *هل سيستطيعا الفراق علي الحقيقة؟ *ام سيتراجعا عنه وهم في فترة الشروع التي جعلها الباري جل وعلا ليقيس الزوج مقدرته علي فراق زوجته وقدومه علي تدمير أسرته وضياع أولاده أو أطفاله منه وهي اجراءات قاسية خاصة في ظل الإستثناءات اللصيقة لكليهما في بوتقة تنصهر فيها كل الوجدان والعواطف بينهما وتشتعل فيها لهيب الغريزة بينهما مدة ليست بالقليلة نسبة الي هذا العبأ العاطفي والوجداني والغريزي فهي طول مدة العدة التي حبسهما الباري فيها بشكل تري فيه كل ثورات الغريزة والعواطف الجياشة التي قد لا يصبرا عليها فيحدث بينهما بعد ذلك تراجع بسبب معاينة كلاهما للحرمان الغريزي المفروض جبرا عليهما ليس لأنه حرام بينهما فهما مازالا زوجين إنما شرط لكي يصلا الي نهاية العدة دن جماع لوجوب بلوغ الأجل بدون جماع في المرحلة الثانية الاتية حيث تبدأ مرحلة التطليق لتحقيق الزوج ما شرع وبدأ فيه واختاره واجتاز المدة التي فرضها الله تعالي بينهما فإن أفلحا في اجتيازها وتخطَّوها من غير جماع فقد أفلح الزوج في تخطي كل مرحلة الشروع بنجاح هادم للزوجية ليدلف الي مرحلة التطليق وتحقيقة /7- كما أن اخر هذه المرحلة هو أنه مخير في أن يمسكها {فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو لا يمسكها يعني يقارقها { أو فارقوهن بمعروف..} وكلمة او هنا هي نهاية المرحلة الاولي {الشروع} وبداية المرحلة الثانية {التحقيق} والاسلوب هذا هو التخيير بين اخر مرحلة الشروع والتهيأ للطلاق وبداية المرحلة الثانية { التحقيق يعني التطليق } لتحقيق ما قد شرع فيه الزوج الراغب في الطلاق وتهيأ له {الزوج} وبرغم أن الله تعالي خيرة بالإمساك دون ملامة ولا جناح ولا مساءلة/8.وجود المرأة في العدة مع زوجها لا مطلقها بأعتبار الشروع من لزماته أنْ تأجل التلفظ لبعد نهاية العدة {عدة الاحصاء}/9.عدة الإحصاء أصبحت من خصائص تشريع سورة الطلاق5هـ وهو فرض العَدِّ لغاية نهايتها أي العدة/10.كل هذه الفترة هي من خصائص المرحلة الأولي وهنا تنتهي فترة الشروع ليبدأ زمن الفترة الثانية وهو زمن التحقيق أي تحقيق الطلاق الذي شرع في مراحلة الزوج

ترجمة مولد الامام مالك بن أنس



مالك الإمام ( ع )
هو شيخ الإسلام ، حجة الأمة ، إمام دار الهجرة أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث ، وهو ذو أصبح بن عوف بن مالك بن زيد بن شداد بن [ ص: 49 ] زرعة ، وهو حمير الأصغر الحميري ثم الأصبحي المدني ، حليف بني تيم من قريش ، فهم حلفاء عثمان أخي طلحة بن عبيد الله أحد العشرة .
وأمه هي : عالية بنت شريك الأزدية . وأعمامه هم : أبو سهيل نافع وأويس ، والربيع ، والنضر ، أولاد أبي عامر .
وقد روى الزهري عن والده أنس ، وعميه أويس وأبي سهيل . وقال : مولى التيميين ، وروى أبو أويس عبد الله عن عمه الربيع ، وكان أبوهم من كبار علماء التابعين . أخذ عن عثمان وطائفة .
مولد مالك على الأصح في سنة ثلاث وتسعين عام موت أنس خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ونشأ في صون ورفاهية وتجمل . وطلب العلم وهو حدث بعيد موت القاسم وسالم . فأخذ عن نافع ، وسعيد المقبري ، وعامر بن عبد الله بن الزبير ، وابن المنكدر ، والزهري ، وعبد الله بن دينار ، وخلق سنذكرهم على المعجم ، وإلى جانب كل واحد منهم ما روى عنه في الموطأ ، كم عدده . وهم : إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، أيوب بن أبي تميمة السختياني عالم البصرة ، أيوب بن حبيب الجهني مولى سعد بن مالك ، . إبراهيم بن عقبة ، إسماعيل بن أبي حكيم ، إسماعيل بن محمد بن سعد ، ثور بن زيد الديلي ، جعفر بن محمد ، حميد الطويل ، حميد بن قيس الأعرج ، خبيب بن عبد الرحمن ، داود بن الحصين ، داود أبو ليلى بن عبد الله في القسامة ، ربيعة الرأي ، زيد بن أسلم ، زيد بن رباح ، زياد بن سعد [ ص: 50 ] زيد بن أبي أنيسة ، سالم أبو النضر ، سعيد بن أبي سعيد ، سمي مولى أبي بكر ، سلمة بن دينار أبو حازم ، سهيل بن أبي صالح ، سلمة بن صفوان الزرقي ، سعد بن إسحاق ، سعيد بن عمرو بن شرحبيل ، شريك بن أبي نمر ، صالح بن كيسان ، صفوان بن سليم ، صيفي مولى ابن أفلح ، ضمرة بن سعيد ، طلحة بن عبد الملك ، عامر بن عبد الله بن الزبير ، عبد الله بن الفضل ، عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك ، عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، عبد الله بن يزيد مولى الأسود ، عبد الله بن دينار ، أبو الزناد عبد الله بن ذكوان .
عبد الرحمن بن القاسم ، عبد الرحمن بن أبي صعصعة ، عبد الله بن عبد الرحمن أبو طوالة ، عبيد الله بن سليمان الأغر ، عبيد الله بن عبد الرحمن ، عبد الرحمن بن حرملة ، عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عبد المجيد بن سهيل ، عبد ربه بن سعيد ، عبد الكريم الجزري ، عطاء الخراساني ، عمرو بن الحارث ، عمرو بن أبي عمرو ، عمرو بن يحيى بن عمار ، علقمة بن أبي علقمة ، العلاء بن عبد الرحمن ، فضيل بن أبي عبد الله ، قطن بن وهب ، الزهري ، ابن المنكدر ، أبو الزبير ، محمد بن عبد الرحمن يتيم عروة ، محمد بن عمرو بن حلحلة ، محمد بن عمارة ، محمد بن أبي أمامة ، محمد بن عبد الله بن أبي صعصعة ، محمد بن أبي بكر الثقفي ، محمد بن عمرو بن علقمة ، محمد بن يحيى بن حبان ، محمد بن أبي بكر بن حزم ، أبو الرجال محمد ، موسى بن عقبة ، موسى بن ميسرة ، موسى بن أبي تميم ، مخرمة بن سليمان ، مسلم بن أبي مريم ، المسور بن رفاعة ، نافع ، أبو [ ص: 51 ] سهيل نافع بن مالك ، نعيم المجمر ، وهب بن كيسان ، هاشم بن هاشم الوقاصي ، هلال بن أبي ميمونة ، هشام بن عروة ، يحيى بن سعيد الأنصاري ، يزيد بن خصيفة ، يزيد بن أبي زياد المدني ، يزيد بن عبد الله بن الهاد ، يزيد بن رومان ، يزيد بن عبد الله بن قسيط ، يونس بن يوسف بن حماس ، أبو بكر بن عمر العمري ، أبو بكر بن نافع ، الثقة عنده ، الثقة .
فعنهم كلهم ست مائة وستة وثلاثون حديثا ، وستة أحاديث عمن لم يسم ، واختلف في ذلك في أحد وسبعين حديثا .
وممن روى عنه مالك مقاطيع : عبد الكريم بن أبي المخارق ، ومحمد بن عقبة ، وعمر بن حسين ، وكثير بن زيد ، وكثير بن فرقد ، ومحمد بن عبيد الله بن أبي مريم ، وعثمان بن حفص بن خلدة ، ومحمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة ، ويعقوب بن يزيد بن طلحة ، ويحيى بن محمد بن طحلاء ، وسعيد بن عبد الرحمن بن رقيش ، وعبد الرحمن بن المجبر ، والصلت بن زييد وأبو عبيد حاجب سليمان ، ومحمد بن يوسف ، وعفيف بن عمرو ، ومحمد بن زيد بن قنفذ ، وأبو جعفر القارئ ، وعمر بن محمد بن زيد ، وصدقة بن يسار المكي ، وزياد بن أبي زياد ، وعمارة بن صياد ، وسعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت ، وسعيد بن عمرو بن سليم ، وعروة بن أذينة ، وأيوب بن موسى ، ومحمد بن أبي حرملة ، وأبو بكر بن عثمان ، وجميل بن عبد الرحمن المؤذن ، وعبد الرحمن بن محمد بن عبد الله [ ص: 52 ] بن عبد ، وعمرو بن عبيد الله الأنصاري ، وإبراهيم بن أبي عبلة ، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند ، ويزيد بن حفص ، وعاصم بن عبيد الله ، وثابت الأحنف ، وعبد الرحمن بن أبي حبيب ، وعمر بن أبي دلاف ، وعبد الملك بن قريز ، والوليد بن عبد الله بن صياد ، وعائشة بنت سعد .
وفي " الموطأ " عدة مراسيل أيضا عن الزهري ، ويحيى الأنصاري وهشام بن عروة . عمل الإمام الدارقطني أطراف جميع ذلك في جزء كبير ، فشفى وبين ، وقد كنت أفردت أسماء الرواة عنه في جزء كبير يقارب عددهم ألفا وأربعمائة ، فلنذكر أعيانهم .
حدث عنه من شيوخه : عمه أبو سهيل ، ويحيى بن أبي كثير ، والزهري ، ويحيى بن سعيد ، ويزيد بن الهاد ، وزيد بن أبي أنيسة ، وعمر بن محمد بن زيد ، وغيرهم .
ومن أقرانه : معمر ، وابن جريج ، وأبو حنيفة ، وعمرو بن الحارث ، والأوزاعي ، وشعبة ، والثوري ، وجويرية بن أسماء ، والليث ، وحماد بن زيد ، وخلق ، وإسماعيل بن جعفر ، وسفيان بن عيينة ، وعبد الله بن المبارك ، والدراوردي ، وابن أبي الزناد ، وابن علية ، ويحيى بن أبي زائدة ، وأبو إسحاق الفزاري ، ومحمد بن الحسن الفقيه ، وعبد الرحمن بن القاسم ، وعبد الرحمن بن مهدي ، ومعن بن عيسى القزاز ، وعبد الله بن وهب ، وأبو قرة موسى بن طارق ، والنعمان بن عبد السلام ، ووكيع ، والوليد بن مسلم ، ويحيى القطان ، وإسحاق بن سليمان الرازي ، وأنس بن عياض الليثي ، وضمرة بن ربيعة ، وأمية بن خالد ، وبشر بن السري [ ص: 53 ] الأفوه ، وبقية بن الوليد ، وبكر بن الشرود الصنعاني ، وأبو أسامة ، وحجاج بن محمد ، وروح بن عبادة ، وأشهب بن عبد العزيز ، وأبو عبد الله الشافعي ، وعبد الله بن عبد الحكم ، وزياد بن عبد الرحمن شبطون الأندلسي ، وأبو داود الطيالسي ، وأبو كامل مظفر بن مدرك ، وأبو عاصم النبيل ، وعبد الرزاق ، وأبو عامر العقدي ، وأبو مسهر الدمشقي ، وعبد الله بن نافع الصائغ ، وعبد الله بن عثمان المروزي عبدان ، ومروان بن محمد الطاط‍ري ، وعبد الله بن يوسف التنيسي ، وعبد الله بن مسلمة القعنبي ، وأبو نعيم الفضل بن دكين ، ومعلى بن منصور الرازي ، ومنصور بن سلمة الخزاعي ، والهيثم بن جميل الأنطاكي ، وهشام بن عبيد الله الرازي ، وأسد بن موسى ، وآدم بن أبي إياس ، ومحمد بن عيسى بن الطباع ، وخالد بن مخلد القطواني ، ويحيى بن صالح الوحاظي ، وأبو بكر ، وإسماعيل ابنا أبي أويس ، وعلي بن الجعد ، وخلف بن هشام .
ويحيى بن يحيى التميمي ، ويحيى بن يحيى الليثي ، وسعيد بن منصور ، ويحيى بن بكير ، وأبو جعفر النفيلي ، وقتيبة بن سعيد ، ومصعب بن عبد الله الزبيري ، وأبو مصعب الزهري ، وأحمد بن يونس اليربوعي ، وسويد بن سعيد ، ومحمد بن سليمان لوين ، وهشام بن عمار ، وأحمد بن حاتم الطويل ، وأحمد بن نصر الخزاعي الشهيد ، وأحمد بن محمد الأزرقي ، وإبراهيم بن يوسف البلخي الماكياني ، وإبراهيم بن سليمان الزيات البلخي ، وإسماعيل بن موسى الفزاري ، وإسحاق بن عيسى بن الطباع أخو محمد ، وإسحاق بن محمد الفروي ، وإسحاق بن الفرات ، وإسحاق بن إبراهيم الحنيني ، وبشر بن الوليد الكندي ، وحبيب بن أبي حبيب كاتب مالك ، والحكم بن المبارك الخاشتي وخالد بن خداش المهلبي ، وخلف بن هشام البزار ، وزهير [ ص: 54 ] بن عباد الرؤاسي ، وسعيد بن عفير المصري ، وسعيد بن داود الزبيري ، وسعيد بن أبي مريم ، وأبو الربيع سليمان بن داود الزهراني ، وصالح بن عبد الله الترمذي ، وعبد الله بن نافع بن ثابت الزبيري ، وعبد الله بن نافع الجمحي ، وعبد الرحمن بن عمرو البجلي الحراني ، وعبد الأعلى بن حماد النرسي ، وعبد العزيز بن يحيى المدني ، وأبو نعيم عبيد بن هشام الحلبي ، وعلي بن عبد الحميد المعني ، وعتبة بن عبد الله اليحمدي المروزي ، وعمرو بن خالد الحراني ، وعاصم بن علي الواسطي ، وعباس بن الوليد النرسي ، وكامل بن طلحة ، ومحمد بن معاوية النيسابوري ، ومحمد بن عمر الواقدي ، وأبو الأحوص محمد بن حبان البغوي ، ومحمد بن جعفر الوركاني ، ومحمد بن إبراهيم بن أبي سكينة ، ومنصور بن أبي مزاحم ، ومطرف بن عبد الله اليساري ، ومحرز بن سلمة العدني ، ومحرز بن عون ، والهيثم بن خارجة ، ويحيى بن قزعة المدني ، ويحيى بن سليمان بن نضلة المدني ، ويزيد بن صالح النيسابوري الفراء .
وآخر أصحابه موتا راوي " الموطأ " أبو حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي ، عاش بعد مالك ثمانين عاما .
وقد حج قديما ، ولحق عطاء بن أبي رباح ، فقال مصعب الزبيري : سمعت ابن أبي الزبير ، يقول : حدثنا مالك ، قال : رأيت عطاء بن أبي رباح دخل المسجد ، وأخذ برمانة المنبر ، ثم استقبل القبلة . [ ص: 55 ]
قال معن ، والواقدي ، ومحمد بن الضحاك : حملت أم مالك بمالك ثلاث سنين . وعن الواقدي قال : حملت به سنتين .
وطلب مالك العلم ، وهو ابن بضع عشرة سنة ، وتأهل للفتيا ، وجلس للإفادة ، وله إحدى وعشرون سنة ، وحدث عنه جماعة وهو حي شاب طري ، وقصده طلبة العلم من الآفاق في آخر دولة أبي جعفر المنصور وما بعد ذلك ، وازدحموا عليه في خلافة الرشيد ، وإلى أن مات .
أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الغني المعدل ، أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف ، أخبرنا أحمد بن إسحاق ، أخبرنا محمد بن أبي القاسم الخطيب ، قالا : أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي ، أخبرنا علي بن محمد بن محمد الأنباري ، أخبرنا عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي ، أخبرنا محمد بن مخلد ، حدثنا أبو يحيى محمد بن سعيد بن غالب العطار ، حدثنا ابن عيينة عن ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ليضربن الناس أكباد الإبل في طلب العلم ، فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة . وبه إلى ابن مخلد : حدثنا ليث بن الفرج ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن أبي صالح ، عن [ ص: 56 ] أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يأتي على الناس زمان يضربون أكباد الإبل . . . فذكر الحديث . هذا حديث نظيف الإسناد ، غريب المتن . رواه عدة عن سفيان بن عيينة . وفي لفظ : يوشك أن يضرب الناس آباط الإبل يلتمسون العلم وفي لفظ : من عالم بالمدينة وفي لفظ : أفقه من عالم المدينة .
وقد رواه المحاربي عن ابن جريج موقوفا ، ويروى عن محمد بن عبد الله الأنصاري ، عن ابن جريج مرفوعا . .
وقد رواه النسائي فقال : حدثنا علي بن أحمد ، حدثنا محمد بن كثير ، عن سفيان ، عن أبي الزناد ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : يضربون أكباد الإبل فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة قال النسائي : هذا خطأ ، الصواب عن أبي الزبير ، عن أبي صالح .
معن بن عيسى ، عن أبي المنذر زهير التميمي ، قال : قال عبيد الله بن عمر ، عن سعيد بن أبي هند ، عن أبي موسى الأشعري ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يخرج ناس من المشرق والمغرب في طلب العلم ، فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة .
ويروى عن ابن عيينة قال : كنت أقول : هو سعيد بن المسيب ، حتى قلت : كان في زمانه سليمان بن يسار ، وسالم بن عبد الله ، وغيرهما ، ثم أصبحت اليوم أقول : إنه مالك ، لم يبق له نظير بالمدينة . [ ص: 57 ]
قال القاضي عياض : هذا هو الصحيح عن سفيان . رواه عنه ابن مهدي وابن معين ، وذؤيب بن عمامة وابن المديني ، والزبير بن بكار ، وإسحاق بن أبي إسرائيل ، كلهم سمع سفيان يفسره بمالك ، أو يقول : وأظنه ، أو أحسبه ، أو أراه ، أو كانوا يرونه .
وذكر أبو المغيرة المخزومي أن معناه : ما دام المسلمون يطلبون العلم لا يجدون أعلم من عالم بالمدينة . فيكون على هذا : سعيد بن المسيب ، ثم بعده من هو من شيوخ مالك ، ثم مالك ، ثم من قام بعده بعلمه ، وكان أعلم أصحابه .
قلت : كان عالم المدينة في زمانه بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه ، زيد بن ثابت ، وعائشة ، ثم ابن عمر ، ثم سعيد بن المسيب ، ثم الزهري ، ثم عبيد الله بن عمر ، ثم مالك .
وعن ابن عيينة قال : مالك عالم أهل الحجاز ، وهو حجة زمانه . وقال الشافعي - وصدق وبر - إذا ذكر العلماء فمالك النجم . قال الزبير بن بكار في حديث : ليضربن الناس أكباد الإبل . . . كان سفيان بن عيينة إذا حدث بهذا في حياة مالك ، يقول : أراه مالكا . فأقام على ذلك زمانا ثم رجع بعد ، فقال : أراه عبد الله بن عبد العزيز العمري الزاهد .
قال ابن عبد البر ، وغير واحد : ليس العمري ممن يلحق في العلم والفقه بمالك ، وإن كان شريفا سيدا ، عابدا . [ ص: 58 ]
قال أحمد بن أبي خيثمة : حدثنا مصعب ، قال : أخبرنا سفيان : نرى هذا الحديث أنه هو مالك ، وكان سفيان يسألني عن أخبار مالك .
قلت : قد كان لهذا العمري علم وفقه جيد وفضل ، وكان قوالا بالحق ، أمارا بالعرف ، منعزلا عن الناس ، وكان يحض مالكا إذا خلا به على الزهد ، والانقطاع والعزلة ، فرحمهما الله .
التالي السابق  

سير اعلام النبلاء

=========================



صقله
عن عيسى بن عمر قال : ما رأيت قط بياضا ولا حمرة أحسن من وجه مالك ، ولا أشد بياض ثوب من مالك . ونقل غير واحد أنه كان طوالا ، جسيما ، عظيم الهامة ، أشقر ، أبيض الرأس واللحية ، عظيم اللحية ، أصلع ، وكان لا يحفي شاربه ويراه مثلة .
وقيل : كان أزرق العين . روى بعض ذلك ابن سعد ، عن مطرف بن عبد الله .
وقال محمد بن الضحاك الحزامي : كان مالك نقي الثوب ، رقيقه ، يكثر اختلاف اللبوس .
وقال الوليد بن مسلم : كان مالك يلبس البياض ، ورأيته والأوزاعي يلبسان السيجان .
قال أشهب : كان مالك إذا اعتم ، جعل منها تحت ذقنه ، ويسدل طرفها بين كتفيه . [ ص: 70 ]
وقال خالد بن خداش : رأيت على مالك طيلسانا ، وثيابا مروية جيادا .
وقال أشهب : كان مالك إذا اكتحل للضرورة جلس في بيته .
وقال مصعب : كان يلبس الثياب العدنية ويتطيب .
وقال أبو عاصم : ما رأيت محدثا أحسن وجها من مالك .
وقيل : كان شديد البياض إلى صفرة ، أعين أشم ، كان يوفر سبلته ويحتج بفتل عمر شاربه .
وقال ابن وهب : رأيت مالكا خضب بحناء مرة .
وقال أبو مصعب : كان مالك من أحسن الناس وجها ، وأجلاهم عينا ، وأنقاهم بياضا ، وأتمهم طولا ، في جودة بدن .
وعن الواقدي : كان ربعة ، لم يخضب ، ولا دخل الحمام .
وعن بشر بن الحارث قال : دخلت على مالك ، فرأيت عليه طيلسانا يساوي خمسمائة ، وقد وقع جناحاه على عينيه أشبه شيء بالملوك .
وقال أشهب : كان مالك إذا اعتم ، جعل منها تحت حنكه ، وأرسل طرفها خلفه ، وكان يتطيب بالمسك وغيره .
وقد ساق القاضي عياض من وجوه حسن بزة الإمام ووفور تجمله .
[ ص: 71 ] في نسب مالك اختلاف مع اتفاقهم على أنه عربي أصبحي ، فقيل في جده الأعلى : عوف بن مالك بن زيد بن عامر بن ربيعة بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، وإلى قحطان جماع اليمن . ولم يختلفوا أن الأصبحيين من حمير ، وحمير فمن قحطان .
نعم ، وغيمان في نسبه المشهور بغين معجمة ، ثم بآخر الحروف على المشهور ، وقيل : عثمان على الجادة وهذا لم يصح . وخثيل : بخاء معجمة ثم بمثلثة . قاله ابن سعد وغيره ، وقال إسماعيل بن أبي أويس والدارقطني : جثيل : بجيم ثم بمثلثة ، وقيل : حنبل ، وقيل : حسل ، وكلاهما تصحيف .
قال القاضي عياض : اختلف في نسب ذي أصبح اختلافا كثيرا .
مولده : تقدم أنه سنة ثلاث وتسعين ، قاله يحيى بن بكير ، وغيره ، وقيل : سنة أربع ، قاله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، وعمارة بن وثيمة ، وغيرهما . وقيل : سنة سبع ، وهو شاذ .
قال خليفة بن خياط ، وإسماعيل بن أبي أويس : ذو أصبح من حمير .
وروي عن ابن إسحاق أنه زعم أن مالكا وآله موالي بني تيم ، فأخطأ وكان ذلك أقوى سبب في تكذيب الإمام مالك له ، وطعنه عليه . وقد كان مالك إماما في نقد الرجال ، حافظا مجودا متقنا .
قال بشر بن عمر الزهراني : سألت مالكا عن رجل ، فقال : هل رأيته [ ص: 72 ] في كتبي ؟ قلت : لا ، قال : لو كان ثقة لرأيته في كتبي .
فهذا القول يعطيك بأنه لا يروي إلا عمن هو عنده ثقة . ولا يلزم من ذلك أنه يروي عن كل الثقات ، ثم لا يلزم مما قال أن كل من روى عنه ، وهو عنده ثقة ، أن يكون ثقة عند باقي الحفاظ ، فقد يخفى عليه من حال شيخه ما يظهر لغيره ، إلا أنه بكل حال كثير التحري في نقد الرجال - رحمه الله .
ابن البرقي : حدثنا عثمان بن كنانة ، عن مالك ، قال : ربما جلس إلينا الشيخ ، فيحدث جل نهاره ، ما نأخذ عنه حديثا واحدا ، وما بنا أن نتهمه ، ولكن لم يكن من أهل الحديث .
إسماعيل القاضي : حدثنا عتيق بن يعقوب ، سمعت مالكا يقول : حدثنا ابن شهاب ببضعة وأربعين حديثا ، ثم قال : أعدها علي ، فأعدت عليه منها أربعين حديثا .
وقال نصر بن علي : حدثنا حسين بن عروة ، عن مالك ، قال : قدم علينا الزهري ، فأتيناه ومعنا ربيعة ، فحدثنا بنيف وأربعين حديثا ، ثم أتيناه من الغد ، فقال : انظروا كتابا حتى أحدثكم منه ، أرأيتم ما حدثتكم به أمس ، أيش في أيديكم منه ؟ فقال ربيعة : هاهنا من يرد عليك ما حدثت به أمس . قال : ومن هو ؟ قال : ابن أبي عامر . قال : هات ، فسرد له أربعين حديثا منها ، فقال الزهري : ما كنت أرى أنه بقي من يحفظ هذا غيري . [ ص: 73 ] قال البخاري عن علي بن عبد الله : لمالك نحو من ألف حديث .
قلت : أراد ما اشتهر له في " الموطأ " وغيره ، وإلا فعنده شيء كثير ما كان يفعل أن يرويه .
وروى علي ابن المديني ، عن سفيان ، قال : رحم الله مالكا ، ما كان أشد انتقاده للرجال .
ابن أبي خيثمة : حدثنا ابن معين ، قال ابن عيينة : ما نحن عند مالك ، إنما كنا نتبع آثار مالك ، وننظر الشيخ ، إن كان كتب عنه مالك ، كتبنا عنه .
وروى طاهر بن خالد الأيلي ، عن أبيه ، عن ابن عيينة ، قال : كان مالك لا يبلغ من الحديث إلا صحيحا ، ولا يحدث إلا عن ثقة ، ما أرى المدينة إلا ستخرب بعد موته - يعني من العلم .
الطحاوي : حدثنا يونس : سمعت سفيان - وذكر حديثا - فقالوا : يخالفك فيه مالك ، فقال : أتقرنني بمالك ؟ ما أنا وهو إلا كما قال جرير [ ص: 74 ]
وابن اللبون إذا ما لز في قرن لم يستطع صولة البزل القناعيس
ثم قال يونس : سمعت الشافعي يقول : مالك وابن عيينة القرينان ، ولولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز .
وهب بن جرير وغيره ، عن شعبة ، قال : قدمت المدينة بعد موت نافع بسنة ، ولمالك بن أنس حلقة .
وقال حماد بن زيد : حدثنا أيوب قال : لقد كان لمالك حلقة في حياة نافع .
وقال أشهب : سألت المغيرة بن عبد الرحمن عن مالك ، وابن الماجشون ، فرفع مالكا ، وقال : ما اعتدلا في العلم قط .
ابن المديني : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : أخبرني وهيب - وكان من أبصر الناس بالحديث والرجال - أنه قدم المدينة ، قال : فلم أر أحدا إلا تعرف وتنكر إلا مالكا ، ويحيى بن سعيد الأنصاري .
قال عبد الرحمن : لا أقدم على مالك في صحة الحديث أحدا .
وقال ابن لهيعة : قلت لأبي الأسود : من للرأي بعد ربيعة بالمدينة ؟ قال : الغلام الأصبحي . [ ص: 75 ] الحارث بن مسكين : سمعت ابن وهب يقول : لولا أني أدركت مالكا ، والليث ، لضللت .
هارون بن سعيد : سمعت ابن وهب ذكر اختلاف الحديث والروايات ، فقال : لولا أني لقيت مالكا لضللت .
وقال يحيى القطان : ما في القوم أصح حديثا من مالك ، كان إماما في الحديث . قال : وسفيان الثوري فوقه في كل شيء .
قال الشافعي : قال محمد بن الحسن أقمت عند مالك ثلاث سنين وكسرا ، وسمعت من لفظه أكثر من سبع مائة حديث ، فكان محمد إذا حدث عن مالك امتلأ منزله ، وإذا حدث عن غيره من الكوفيين ، لم يجئه إلا اليسير .
قال ابن أبي عمر العدني : سمعت الشافعي يقول : مالك معلمي ، وعنه أخذت العلم .
وعن الشافعي قال : كان مالك إذا شك في حديث ، طرحه كله .
أبو عمر بن عبد البر : حدثنا قاسم بن محمد ، حدثنا خالد بن سعد ، [ ص: 76 ] حدثنا عثمان بن عبد الرحمن ، حدثنا إبراهيم بن نصر ، سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، سمعت الشافعي يقول : قال لي محمد بن الحسن : صاحبنا أعلم من صاحبكم - يريد أبا حنيفة ومالكا - وما كان لصاحبكم أن يتكلم ، وما كان لصاحبنا أن يسكت . فغضبت ، وقلت : نشدتك الله : من أعلم بالسنة ، مالك ، أو صاحبكم ؟ فقال : مالك ، لكن صاحبنا أقيس . فقلت : نعم ، ومالك أعلم بكتاب الله وناسخه ومنسوخه ، وبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أبي حنيفة ، ومن كان أعلم بالكتاب والسنة كان أولى بالكلام .
قال يونس بن عبد الأعلى : قال لي الشافعي : ذاكرت يوما محمد بن الحسن ، ودار بيننا كلام واختلاف ، حتى جعلت أنظر إلى أوداجه تدر وأزراره تتقطع . فقلت : نشدتك بالله ، تعلم أن صاحبنا كان أعلم بكتاب الله ؟ قال : اللهم نعم . قلت : وكان عالما باختلاف الصحابة ؟ قال : نعم .
قال ابن مهدي : أئمة الناس في زمانهم أربعة : الثوري ، ومالك ، والأوزاعي ، وحماد بن زيد ، وقال : ما رأيت أحدا أعقل من مالك .
يونس بن عبد الأعلى : حدثنا ابن وهب ، سمعت مالكا - وقال له ابن القاسم : ليس بعد أهل المدينة أحد أعلم بالبيوع من أهل مصر - فقال مالك : من أين علموا ذلك ؟ قال : منك يا أبا عبد الله . فقال : ما أعلمها أنا ، فكيف يعلمونها بي ؟ [ ص: 77 ] وعن مالك قال : جنة العالم : " لا أدري " فإذا أغفلها أصيبت مقاتله .
قال مصعب بن عبد الله : كانت حلقة مالك في زمن ربيعة مثل حلقة ربيعة وأكبر ، وقد أفتى معه عند السلطان .
الزبير بن بكار : حدثنا مطرف ، حدثنا مالك ، قال : لما أجمعت التحويل عن مجلس ربيعة ، جلست أنا وسليمان بن بلال في ناحية المسجد ، فلما قام ربيعة ، عدل إلينا ، فقال : يا مالك ، تلعب بنفسك زفنت ، وصفق لك سليمان ، بلغت إلى أن تتخذ مجلسا لنفسك ؟! ارجع إلى مجلسك .
قال الهيثم بن جميل : سمعت مالكا سئل عن ثمان وأربعين مسألة ، فأجاب في اثنتين وثلاثين منها ب " لا أدري " .
وعن خالد بن خداش ، قال : قدمت على مالك بأربعين مسألة ، فما أجابني منها إلا في خمس مسائل .
ابن وهب ، عن مالك ، سمع عبد الله بن يزيد بن هرمز يقول : ينبغي للعالم أن يورث جلساءه قول : " لا أدري " . حتى يكون ذلك أصلا يفزعون إليه .
قال ابن عبد البر : صح عن أبي الدرداء أن : " لا أدري " نصف العلم . [ ص: 78 ]
قال محمد بن رمح : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت : يا رسول الله ، إن مالكا والليث يختلفان ، فبأيهما آخذ ؟ قال : مالك مالك .
أشهب ، عن عبد العزيز الدراوردي ، قال : دخلت مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فوافيته يخطب ، إذ أقبل مالك ، فلما أبصره النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إلي إلي ، فأقبل حتى دنا منه ، فسل - صلى الله عليه وسلم - خاتمه من خنصره ، فوضعه في خنصر مالك .
محمد بن جرير : حدثنا العباس بن الوليد ، حدثنا إبراهيم بن حماد الزهري ، سمعت مالكا يقول : قال لي المهدي : ضع يا أبا عبد الله كتابا أحمل الأمة عليه . فقلت : يا أمير المؤمنين ، أما هذا الصقع - وأشرت إلى المغرب - فقد كفيته ، وأما الشام ففيهم من قد علمت - يعني الأوزاعي - وأما العراق فهم أهل العراق .
ابن سعد : حدثنا محمد بن عمر ، سمعت مالكا يقول : لما حج المنصور دعاني فدخلت عليه ، فحادثته ، وسألني فأجبته ، فقال : عزمت أن آمر بكتبك هذه - يعني " الموطأ " - فتنسخ نسخا ، ثم أبعث إلى كل مصر من أمصار المسلمين بنسخة ، وآمرهم أن يعملوا بما فيها ، ويدعوا ما سوى ذلك من العلم المحدث ، فإني رأيت أصل العلم رواية أهل المدينة وعلمهم . قلت : يا أمير المؤمنين ، لا تفعل ، فإن الناس قد سيقت إليهم أقاويل ، وسمعوا أحاديث ، ورووا روايات ، وأخذ كل قوم بما سيق إليهم ، وعملوا به ، ودانوا به ، من اختلاف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم ، وإن ردهم عما اعتقدوه شديد ، فدع الناس وما هم عليه ، وما اختار أهل كل بلد [ ص: 79 ] لأنفسهم . فقال : لعمري ، لو طاوعتني لأمرت بذلك .
قال الزبير بن بكار : حدثنا ابن مسكين ، ومحمد بن مسلمة ، قالا : سمعنا مالكا يذكر دخوله على المنصور ، وقوله في انتساخ كتبه ، وحمل الناس عليها ، فقلت : قد رسخ في قلوب أهل كل بلد ما اعتقدوه وعملوا به ، ورد العامة عن مثل هذا عسير .
قال الواقدي : كان مالك يجلس في منزله على ضجاع ونمارق مطروحة يمنة ويسرة في سائر البيت لمن يأتي ، وكان مجلسه مجلس وقار وحلم ، وكان مهيبا ، نبيلا ، ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط ، وكان الغرباء يسألونه عن الحديث بعد الحديث ، وربما أذن لبعضهم ، فقرأ عليه ، وكان له كاتب يقال له : حبيب . قد نسخ كتبه ، ويقرأ للجماعة ، فإذا أخطأ فتح عليه مالك ، وكان ذلك قليلا .
أبو زرعة : حدثنا أبو مسهر ، قال لي مالك : قال لي أبو جعفر : يا أبا عبد الله ، ذهب الناس ، لم يبق غيري وغيرك .
ابن وهب ، عن مالك : دخلت على أبي جعفر ، فرأيت غير واحد من بني هاشم يقبلون يده ، وعوفيت ، فلم أقبل له يدا .

 =====فصل=========

 ولمالك - رحمه الله - رسالة في القدر ، كتبها إلى ابن وهب وإسنادها صحيح . وله مؤلف : في النجوم ومنازل القمر ، رواه سحنون ، عن ابن نافع الصائغ ، عنه مشهور . [ ص: 89 ] ورسالة في الأقضية ، مجلد ، رواية محمد بن يوسف بن مطروح ، عن عبد الله بن [ عبد ] الجليل . ورسالة إلى أبي غسان محمد بن مطرف .

ورسالة آداب إلى الرشيد ، إسنادها منقطع ، قد أنكرها إسماعيل القاضي وغيره ، وفيها أحاديث لا تعرف . قلت : هذه الرسالة موضوعة . وقال القاضي الأبهري : فيها أحاديث لو سمع مالك من يحدث بها لأدبه . وله جزء في التفسير يرويه خالد بن عبد الرحمن المخزومي ، يرويه القاضي عياض عن أبي جعفر أحمد بن سعيد ، عن أبي عبد الله محمد بن الحسن المقرئ ، عن محمد بن علي المصيصي ، عن أبيه بإسناده .

وكتاب " السر " من رواية ابن القاسم عنه ، رواه الحسن بن أحمد العثماني ، عن محمد بن عبد العزيز بن وزير الجروي ، عن الحارث بن مسكين ، عنه .

قلت : هو جزء واحد سمعه أبو محمد بن النحاس المصري ، من محمد بن بشر العكري ، حدثنا مقدام بن داود الرعيني ، حدثنا الحارث بن مسكين ، وأبو زيد بن أبي الغمر ، قالا : حدثنا ابن القاسم . [ ص: 90 ]

قال : ورسالة إلى الليث في إجماع أهل المدينة معروفة . فأما ما نقل عنه كبار أصحابه من المسائل والفتاوى والفوائد ، فشيء كثير . ومن كنوز ذلك : " المدونة " و " الواضحة " وأشياء .

قال مالكي : قد ندر الاجتهاد اليوم ، وتعذر ، فمالك أفضل من يقلد ، فرجح تقليده .

وقال شيخ : إن الإمام لمن التزم بتقليده ، كالنبي مع أمته ، لا تحل مخالفته .

قلت : قوله : لا تحل مخالفته ، مجرد دعوى واجتهاد بلا معرفة ، بل له مخالفة إمامه إلى إمام آخر ، حجته في تلك المسألة أقوى ، لا بل عليه اتباع الدليل فيما تبرهن له ، لا كمن تمذهب لإمام ، فإذا لاح له ما يوافق هواه ، عمل به من أي مذهب كان ، ومن تتبع رخص المذاهب ، وزلات المجتهدين ، فقد رق دينه ، كما قال الأوزاعي أو غيره : من أخذ بقول المكيين في المتعة ، والكوفيين في النبيذ ، والمدنيين في الغناء ، والشاميين في عصمة الخلفاء ، فقد جمع الشر . وكذا من أخذ في البيوع الربوية بمن يتحيل عليها ، وفي الطلاق ونكاح التحليل بمن توسع فيه ، وشبه ذلك ، فقد تعرض للانحلال ، فنسأل الله العافية والتوفيق .

ولكن : شأن الطالب أن يدرس أولا مصنفا في الفقه ، فإذا حفظه ، بحثه ، وطالع الشروح ، فإن كان ذكيا فقيه النفس ، ورأى حجج الأئمة ، فليراقب الله ، وليحتط لدينه ، فإن خير الدين الورع ، ومن ترك الشبهات [ ص: 91 ] فقد استبرأ لدينه وعرضه ، والمعصوم من عصمه الله .

فالمقلدون صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشرط ثبوت الإسناد إليهم ، ثم أئمة التابعين كعلقمة ، ومسروق ، وعبيدة السلماني ، وسعيد بن المسيب ، وأبي الشعثاء ، وسعيد بن جبير ، وعبيد الله بن عبد الله ، وعروة ، والقاسم ، والشعبي ، والحسن ، وابن سيرين ، وإبراهيم النخعي . ثم كالزهري ، وأبي الزناد ، وأيوب السختياني ، وربيعة ، وطبقتهم . ثم كأبي حنيفة ، ومالك ، والأوزاعي ، وابن جريج ، ومعمر ، وابن أبي عروبة ، وسفيان الثوري ، والحمادين ، وشعبة ، والليث ، وابن الماجشون ، وابن أبي ذئب .

ثم كابن المبارك ، ومسلم الزنجي ، والقاضي أبي يوسف ، والهقل بن زياد ، ووكيع ، والوليد بن مسلم ، وطبقتهم . ثم كالشافعي ، وأبي عبيد ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي ثور ، والبويطي ، وأبي بكر بن أبي شيبة . ثم كالمزني ، وأبي بكر الأثرم ، والبخاري ، وداود بن علي ، ومحمد بن نصر المروزي ، وإبراهيم الحربي ، وإسماعيل القاضي . ثم كمحمد بن جرير الطبري ، وأبي بكر بن خزيمة ، وأبي عباس بن سريج ، وأبي بكر بن المنذر ، وأبي جعفر الطحاوي ، وأبي بكر الخلال . ثم من بعد هذا النمط تناقص الاجتهاد ، ووضعت المختصرات ، وأخلد الفقهاء إلى التقليد من غير نظر في الأعلم ، بل بحسب الاتفاق ، والتشهي ، والتعظيم ، والعادة ، والبلد . فلو أراد الطالب اليوم أن يتمذهب في المغرب لأبي حنيفة ، لعسر عليه ، كما لو أراد أن يتمذهب لابن حنبل [ ص: 92 ] ببخارى ، وسمرقند ، لصعب عليه ، فلا يجيء منه حنبلي ، ولا من المغربي حنفي ، ولا من الهندي مالكي . وبكل حال : فإلى فقه مالك المنتهى . فعامة آرائه مسددة ، ولو لم يكن له إلا حسم مادة الحيل ، ومراعاة المقاصد ، لكفاه .

ومذهبه قد ملأ المغرب ، والأندلس ، وكثيرا من بلاد مصر ، وبعض الشام ، واليمن ، والسودان ، وبالبصرة ، وبغداد ، والكوفة ، وبعض خراسان .

وكذلك اشتهر مذهب الأوزاعي مدة ، وتلاشى أصحابه ، وتفانوا . وكذلك مذهب سفيان وغيره ممن سمينا ، ولم يبق اليوم إلا هذه المذاهب الأربعة . وقل من ينهض بمعرفتها كما ينبغي ، فضلا عن أن يكون مجتهدا . وانقطع أتباع أبي ثور بعد الثلاث مائة ، وأصحاب داود إلا القليل ، وبقي مذهب ابن جرير إلى ما بعد الأربع مائة .

وللزيدية مذهب في الفروع بالحجاز وباليمن ، لكنه معدود في أقوال أهل البدع ، كالإمامية ، ولا بأس بمذهب داود ، وفيه أقوال حسنة ، ومتابعة للنصوص ، مع أن جماعة من العلماء لا يعتدون بخلافه ، وله شذوذ في مسائل شانت مذهبه .

وأما القاضي ، فذكر ما يدل على جواز تقليدهم إجماعا ، فإنه سمى المذاهب الأربعة ، والسفيانية ، والأوزاعية ، والداودية . ثم إنه قال : فهؤلاء الذين وقع إجماع الناس على تقليدهم ، مع الاختلاف في أعيانهم ، واتفاق العلماء على اتباعهم ، والاقتداء بمذاهبهم ، ودرس كتبهم ، والتفقه على مآخذهم ، والتفريع على أصولهم ، دون غيرهم ممن تقدمهم أو عاصرهم ، للعلل التي ذكرناها . [ ص: 93 ] وصار الناس اليوم في الدنيا إلى خمسة مذاهب ، فالخامس : هو مذهب الداودية . فحق على طالب العلم أن يعرف أولاهم بالتقليد ، ليحصل على مذهبه . وها نحن نبين أن مالكا - رحمه الله - هو ذلك ، لجمعه أدوات الإمامة وكونه أعلم القوم .

ثم وجه القاضي دعواه ، وحسنها ونمقها ، ولكن ما يعجز كل واحد من حنفي ، وشافعي ، وحنبلي ، وداودي ، عن ادعاء مثل ذلك لمتبوعه ، بل ذلك لسان حاله ، وإن لم يفه به .

ثم قال القاضي عياض : وعندنا - ولله الحمد - لكل إمام من المذكورين مناقب تقضي له بالإمامة .

قلت : ولكن هذا الإمام الذي هو النجم الهادي قد أنصف ، وقال قولا فصلا ، حيث يقول : كل أحد يؤخذ من قوله ويترك ، إلا صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم . ولا ريب أن كل من أنس من نفسه فقها ، وسعة علم ، وحسن قصد ، فلا يسعه الالتزام بمذهب واحد في كل أقواله ، لأنه قد تبرهن له مذهب الغير [ ص: 94 ] في مسائل ، ولاح له الدليل ، وقامت عليه الحجة ، فلا يقلد فيها إمامه ، بل يعمل بما تبرهن ، ويقلد الإمام الآخر بالبرهان ، لا بالتشهي والغرض . لكنه لا يفتي العامة إلا بمذهب إمامه ، أو ليصمت فيما خفي عليه دليله .

قال الشافعي : العلم يدور على ثلاثة : مالك ، والليث ، وابن عيينة .

قلت : بل وعلى سبعة معهم ، وهم : الأوزاعي ، والثوري ، ومعمر ، وأبو حنيفة ، وشعبة ، والحمادان .

وروي عن الأوزاعي أنه كان إذا ذكر مالكا يقول : عالم العلماء ، ومفتي الحرمين .

وعن بقية أنه قال : ما بقي على وجه الأرض أعلم بسنة ماضية منك يا مالك .

وقال أبو يوسف : ما رأيت أعلم من أبي حنيفة ، ومالك ، وابن أبي ليلى .

وذكر أحمد بن حنبل مالكا ، فقدمه على الأوزاعي ، والثوري ، والليث ، وحماد ، والحكم ، في العلم . وقال : هو إمام في الحديث وفي الفقه . وقال القطان : هو إمام يقتدى به . وقال ابن معين : مالك من حجج الله على خلقه . وقال أسد بن الفرات : إذا أردت الله والدار الآخرة فعليك بمالك . [ ص: 95 ] وقد صنف مكي القيسي كتابا فيما روي عن مالك في التفسير ، ومعاني القرآن . وقد ذكره أبو عمرو الداني في " طبقات القراء " . وأنه تلا على نافع بن أبي نعيم .

وقال بهلول بن راشد ما رأيت أنزع بآية من مالك مع معرفته بالصحيح والسقيم .

قرأت على إسحاق بن طارق ، أخبرنا ابن خليل ، أخبرنا أبو المكارم التيمي ، ونبأني ابن سلامة ، عن أبي المكارم ، أخبرنا أبو علي الحداد ، أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، حدثنا أبو محمد بن حيان ، حدثنا محمد بن أحمد بن عمرو ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن كليب ، عن الفضل بن زياد ، سألت أحمد بن حنبل : من ضرب مالكا ؟ قال : بعض الولاة في طلاق المكره ، كان لا يجيزه ، فضربه لذلك . وبه قال أبو نعيم : حدثنا محمد بن علي ، حدثنا المفضل الجندي ، [ ص: 96 ] سمعت أبا مصعب ، سمعت مالكا ، يقول : ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك .

ثم قال أبو مصعب : كان مالك لا يحدث إلا وهو على طهارة إجلالا للحديث .

وبه قال : حدثنا ابن حيان ، حدثنا محمد بن أحمد بن الوليد ، حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : قال الشافعي : إذا جاء الأثر كان مالك كالنجم ، وهو وسفيان القرينان .

وبه : حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، حدثنا السراج ، حدثنا محمود بن غيلان ، حدثنا أبو داود ، حدثنا شعبة : أتيت المدينة بعد موت نافع بسنة ، فإذا الحلقة لمالك .

وبه : حدثنا أحمد بن إسحاق ، أخبرنا محمد بن أحمد بن راشد ، سمعت أبا داود يقول : حكى لي بعض أصحاب ابن وهب ، عنه ، أن مالكا لما ضرب ، حلق وحمل على بعير ، فقيل له : ناد على نفسك . فقال : ألا من عرفني ، فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا مالك بن أنس ، أقول : طلاق المكره ليس بشيء . فبلغ ذلك جعفر بن سليمان الأمير ، فقال : أدركوه ، أنزلوه . [ ص: 97 ]

وبه : حدثنا إبراهيم ، حدثنا السراج ، حدثنا الحسن بن عبد العزيز ، حدثنا الحارث بن مسكين ، عن ابن وهب قال : قيل لمالك : ما تقول في طلب العلم ؟ قال : حسن جميل ، لكن انظر الذي يلزمك من حين تصبح إلى أن تمسي ، فالزمه .

وبه عن ابن وهب : سئل مالك عن الداعي يقول : يا سيدي . فقال : يعجبني دعاء الأنبياء : ربنا ، ربنا .

وبه : حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم ، حدثنا الأبار ، حدثنا أحمد بن هاشم ، حدثنا ضمرة ، سمعت مالكا يقول : لو أن لي سلطانا على من يفسر القرآن لضربت رأسه .

قلت : يعني تفسيره برأيه . وكذلك جاء عن مالك ، من طريق أخرى .

وبه : حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، حدثنا أبو إسماعيل الترمذي ، حدثنا نعيم بن حماد ، سمعت ابن المبارك يقول : ما رأيت أحدا ارتفع مثل مالك ، ليس له كثير صلاة ولا صيام ، إلا أن تكون له سريرة .

قلت : ما كان عليه من العلم ونشره أفضل من نوافل الصوم والصلاة لمن أراد به الله .

وبه : حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا المقدام بن داود ، حدثنا عبد الله [ ص: 98 ] بن عبد الحكم ، سمعت مالكا يقول : شاورني هارون الرشيد في ثلاثة : في أن يعلق الموطأ في الكعبة ، ويحمل الناس على ما فيه ، وفي أن ينقض منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويجعله من ذهب وفضة وجوهر ، وفي أن يقدم نافعا إماما في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت : أما تعليق " الموطأ " ، فإن الصحابة اختلفوا في الفروع ، وتفرقوا ، وكل عند نفسه مصيب . وأما نقض المنبر ، فلا أرى أن يحرم الناس أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأما تقدمتك نافعا فإنه إمام في القراءة ، لا يؤمن أن تبدر منه بادرة في المحراب ، فتحفظ عليه . فقال : وفقك الله يا أبا عبد الله .

هذا إسناد حسن ، لكن لعل الراوي وهم في قوله : هارون ، لأن نافعا قبل خلافة هارون مات .

من قول مالك في السنة : وبه حدثنا محمد بن أحمد بن علي ، حدثنا الفريابي ، حدثنا الحلواني ، سمعت مطرف بن عبد الله ، سمعت مالكا يقول : سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وولاة الأمر بعده سننا ، الأخذ بها اتباع لكتاب الله ، واستكمال بطاعة الله ، وقوة على دين الله ، ليس لأحد تغييرها ، ولا تبديلها ، ولا النظر في شيء خالفها ، من اهتدى بها ، فهو مهتد ، ومن استنصر بها ، فهو منصور ، ومن تركها ، اتبع غير سبيل المؤمنين ، وولاه الله ما تولى ، وأصلاه جهنم وساءت مصيرا . [ ص: 99 ] وبه إلى الحلواني : سمعت إسحاق بن عيسى يقول : قال مالك : أكلما جاءنا رجل أجدل من رجل ، تركنا ما نزل به جبريل على محمد - صلى الله عليه وسلم - لجدله ؟!

وبه حدثنا الحسن بن سعيد ، حدثنا زكريا الساجي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا أبو ثور : سمعت الشافعي يقول : كان مالك إذا جاءه بعض أهل الأهواء ، قال : أما إني على بينة من ديني ، وأما أنت ، فشاك ، اذهب إلى شاك مثلك فخاصمه .

وبه حدثنا سليمان الطبراني ، حدثنا الحسين بن إسحاق ، حدثنا يحيى بن خلف الطرسوسي - وكان من ثقات المسلمين - ، قال : كنت عند مالك ، فدخل عليه رجل ، فقال : يا أبا عبد الله ما تقول فيمن يقول : القرآن مخلوق ؟ فقال مالك : زنديق ، اقتلوه . فقال : يا أبا عبد الله ، إنما أحكي كلاما سمعته ، قال : إنما سمعته منك ، وعظم هذا القول .

وبه حدثنا ابن حيان ، حدثنا ابن أبي داود ، حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا ابن وهب ، قال : قال مالك : الناس ينظرون إلى الله عز وجل يوم القيامة بأعينهم .

وبه حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، حدثنا يونس ، حدثنا ابن وهب ، سمعت مالكا يقول لرجل سأله عن القدر : نعم . قال الله تعالى : ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها . [ ص: 100 ]

وبه حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا ابن أبي عاصم ، سمعت سعيد بن عبد الجبار ، سمعت مالكا يقول : رأيي فيهم أن يستتابوا ، فإن تابوا ، وإلا قتلوا - يعني القدرية .

وبه حدثنا محمد بن علي العقيلي ، حدثنا القاضي أبو أمية الغلابي ، حدثنا سلمة بن شبيب ، حدثنا مهدي بن جعفر ، حدثنا جعفر بن عبد الله قال : كنا عند مالك ، فجاءه رجل ، فقال : يا أبا عبد الله : الرحمن على العرش استوى كيف استوى ؟ فما وجد مالك من شيء ما وجد من مسألته ، فنظر إلى الأرض ، وجعل ينكت بعود في يده ، حتى علاه الرحضاء ثم رفع رأسه ، ورمى بالعود ، وقال : الكيف منه غير معقول ، والاستواء منه غير مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وأظنك صاحب بدعة . وأمر به فأخرج .

قال سلمة بن شبيب مرة في رواية هذا : وقال للسائل : إني أخاف أن تكون ضالا .

وقال أبو الربيع الرشيديني : حدثنا ابن وهب قال : كنا عند مالك ، [ ص: 101 ] فقال رجل : يا أبا عبد الله : الرحمن على العرش استوى كيف استواؤه ؟ . فأطرق مالك ، وأخذته الرحضاء ، ثم رفع رأسه ، فقال : الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه ، ولا يقال له : كيف ، و " كيف " عنه مرفوع ، وأنت رجل سوء صاحب بدعة ، أخرجوه .

وقال محمد بن عمرو قشمرد النيسابوري : سمعت يحيى بن يحيى يقول : كنا عند مالك فجاءه رجل ، فقال : الرحمن على العرش استوى فذكر نحوه ، وفيه ، فقال : الاستواء غير مجهول .

وروى عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب : " الرد على الجهمية " له ، قال : حدثني أبي ، حدثنا سريج بن النعمان ، عن عبد الله بن نافع ، قال : قال مالك : الله في السماء ، وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء .

وقال محمد بن إسحاق الصغاني : حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد العمري ، حدثنا ابن أبي أويس ، سمعت مالكا يقول : القرآن كلام الله ، وكلام الله منه ، وليس من الله شيء مخلوق . [ ص: 102 ]

قال القاضي عياض في سيرة مالك قال ابن نافع وأشهب - وأحدهما يزيد على الآخر - قلت : يا أبا عبد الله : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ينظرون إلى الله ؟ قال : نعم ، بأعينهم هاتين . قلت : فإن قوما يقولون : ناظرة : بمعنى منتظرة إلى الثواب . قال : بل تنظر إلى الله ، أما سمعت قول موسى : رب أرني أنظر إليك أتراه سأل محالا ؟ قال الله : لن تراني في الدنيا ، لأنها دار فناء ، فإذا صاروا إلى دار البقاء ، نظروا بما يبقى إلى ما يبقى . قال تعالى : كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون .

قال القاضي وقال غير واحد عن مالك : الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص ، وبعضه أفضل من بعض .

قال : وقال ابن القاسم : كان مالك يقول : الإيمان يزيد . وتوقف عن النقصان .

قال : وروى ابن نافع ، عن مالك : من قال : القرآن مخلوق ، يجلد ويحبس .

قال : وفي رواية بشر بن بكر ، عن مالك قال : يقتل ولا تقبل له توبة .

يونس الصدفي : حدثنا أشهب ، عن مالك ، قال : القدرية لا [ ص: 103 ] تناكحوهم ، ولا تصلوا خلفهم .

أحمد بن عيسى : حدثنا ابن وهب ، قال : قال مالك : لا يستتاب من سب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الكفار والمسلمين .

أبو أحمد بن عدي : حدثنا أحمد بن علي المدائني ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن جابر ، حدثنا أبو زيد بن أبي الغمر ، قال : قال القاسم : سألت مالكا عمن حدث بالحديث ، الذين قالوا : إن الله خلق آدم على صورته . والحديث الذي جاء : إن الله يكشف عن ساقه ، وأنه [ ص: 104 ] يدخل يده في جهنم حتى يخرج من أراد فأنكر مالك ذلك إنكارا شديدا ، ونهى أن يحدث بها أحد ، فقيل له : إن ناسا من أهل العلم يتحدثون به ، فقال : من هو ؟ قيل : ابن عجلان عن أبي الزناد ، قال : لم يكن ابن عجلان يعرف هذه الأشياء ، ولم يكن عالما . وذكر أبا الزناد ، فقال : لم يزل عاملا لهؤلاء حتى مات . رواها مقدام الرعيني ، عن ابن أبي الغمر ، والحارث بن مسكين ، قالا : حدثنا ابن القاسم .

قلت : أنكر الإمام ذلك ، لأنه لم يثبت عنده ، ولا اتصل به ، فهو معذور ، كما أن صاحبي " الصحيحين " معذوران في إخراج ذلك - أعني الحديث الأول والثاني - لثبوت سندهما ، وأما الحديث الثالث ، فلا أعرفه [ ص: 105 ] بهذا اللفظ ، فقولنا في ذلك وبابه : الإقرار ، والإمرار ، وتفويض معناه إلى قائله الصادق المعصوم .

وقال ابن عدي : حدثنا محمد بن هارون بن حسان ، حدثنا صالح بن أيوب ، حدثنا حبيب بن أبي حبيب ، حدثني مالك قال : يتنزل ربنا - تبارك وتعالى - أمره ، فأما هو ، فدائم لا يزول . قال صالح : فذكرت ذلك ليحيى بن بكير ، فقال : حسن والله ، ولم أسمعه من مالك .

قلت : لا أعرف صالحا ، وحبيب مشهور ، والمحفوظ عن مالك - رحمه الله - رواية الوليد بن مسلم أنه سأله عن أحاديث الصفات ، فقال : أمرها كما جاءت ، بلا تفسير . فيكون للإمام في ذلك قولان إن صحت رواية حبيب .

أحمد بن عبد الرحيم بن البرقي ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، حدثنا عمرو بن حسان أن أبا خليد قال لمالك : يا أبا عبد الله إن أهل دمشق يقرءون : إبراهام . فقال : أهل دمشق بأكل البطيخ أعلم منهم بالقراءة . قال له أبو خليد : إنهم يدعون قراءة عثمان ، قال مالك : فهذا مصحف عثمان عندي . ودعا به ، ففتح ، فإذا فيه : إبراهام ، كما قال أهل دمشق .

قلت : رسم المصحف محتمل للقراءتين ، وقراءة الجمهور أفصح وأولى . [ ص: 106 ]

قال ابن القاسم : سألت مالكا عن علي وعثمان . فقال : ما أدركت أحدا ممن أقتدي به إلا وهو يرى الكف عنهما ، قال ابن القاسم : يريد التفضيل بينهما . فقلت : فأبو بكر وعمر ؟ فقال : ليس فيهما إشكال ، إنهما أفضل من غيرهما .

قال الحسن بن رشيق : سمعت النسائي يقول : أمناء الله على علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة : شعبة ، ومالك ، ويحيى القطان .

قال القاضي عياض : قال معن : انصرف مالك يوما ، فلحقه رجل يقال له : أبو الجويرية ، متهم بالإرجاء . فقال : اسمع مني ، قال : احذر أن أشهد عليك . قال : والله ما أريد إلا الحق ، فإن كان صوابا فقل به ، أو فتكلم . قال : فإن غلبتني ؟ قال : اتبعني . قال : فإن غلبتك ؟ قال : اتبعتك . قال : فإن جاء رجل فكلمنا ، فغلبنا ؟ قال : اتبعناه . فقال مالك : يا هذا ، إن الله بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بدين واحد ، وأراك تتنقل .

وعن مالك قال : الجدال في الدين ينشئ المراء ، ويذهب بنور العلم من القلب ويقسي ، ويورث الضغن .

قال القاضي عياض : قال أبو طالب المكي : كان مالك - رحمه الله - أبعد الناس من مذاهب المتكلمين ، وأشد نقضا للعراقيين . ثم قال القاضي عياض : قال سفيان بن عيينة : سأل رجل مالكا فقال : الرحمن على العرش استوى كيف استوى ؟ فسكت مالك حتى علاه الرحضاء ، ثم قال : الاستواء منه معلوم ، والكيف منه غير معقول ، والسؤال عن هذا [ ص: 107 ] بدعة ، والإيمان به واجب ، وإني لأظنك ضالا . أخرجوه . فناداه الرجل : يا أبا عبد الله ، والله لقد سألت عنها أهل البصرة والكوفة والعراق ، فلم أجد أحدا وفق لما وفقت له .

 ===فصل

 ولم يكن بالمدينة عالم من بعد التابعين يشبه مالكا في العلم والفقه ، والجلالة والحفظ ، فقد كان بها بعد الصحابة مثل سعيد بن المسيب ، والفقهاء السبعة والقاسم ، وسالم ، وعكرمة ، ونافع ، وطبقتهم ، ثم زيد بن أسلم ، وابن شهاب ، وأبي الزناد ، ويحيى بن سعيد ، وصفوان بن سليم ، وربيعة بن أبي عبد الرحمن ، وطبقتهم ، فلما تفانوا ، اشتهر ذكر مالك بها ، وابن أبي ذئب ، وعبد العزيز بن الماجشون ، وسليمان بن بلال ، وفليح بن سليمان ، والدراوردي ، وأقرانهم ، فكان مالك هو المقدم فيهم على الإطلاق ، والذي تضرب إليه آباط الإبل من الآفاق ، رحمه الله تعالى . وقد وقع لي من عواليه " موطأ " أبي مصعب . وفي الطريق [ ص: 59 ] إجازة ، ووقع لي من عالي حديثه بالاتصال أربعون حديثا من المائة الشريحية ، وجزء بيبى ، وجزء البانياسي ، والأجزاء المحامليات ، فمن ذلك :

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق الهمداني ، قال : أخبرنا أبو المحاسن محمد بن هبة الله بن عبد العزيز الدينوري ببغداد ، سنة عشرين وستمائة ، أخبرنا عمي أبو بكر محمد بن عبد العزيز في سنة تسع وثلاثين وخمسمائة ، أخبرنا عاصم بن الحسن ، أخبرنا عبد الواحد بن محمد الفارسي ، حدثنا الحسين بن إسماعيل القاضي ، حدثنا أحمد بن إسماعيل المدني ، حدثنا مالك ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري ، عن أبي يونس مولى عائشة ، عن عائشة أن رجلا قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو واقف على الباب ، وأنا أسمع - : يا رسول الله ، إني أصبح جنبا ، وأنا أريد [ ص: 60 ] الصيام ، أفأغتسل وأصوم ذلك اليوم ؟ فقال : " وأنا أصبح جنبا وأنا أريد الصيام فأغتسل وأصوم ذلك اليوم " فقال له الرجل : يا رسول الله ، إنك لست مثلنا ، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال : " والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي .

هذا حديث صحيح . أخرجه أبو داود عن القعنبي عن مالك ، ورواه النسائي في مسند مالك له ، عن محمد بن سلمة ، عن عبد الرحمن بن القاسم الفقيه ، عن مالك .

وروى النسائي هذا المتن بنحوه عن أحمد بن حفص النيسابوري ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن ط‍همان ، عن حجاج بن حجاج ، عن قتادة ، عن عبد ربه ، عن أبي عياض ، عن عبد الرحمن بن الحارث ، عن نافع مولى أم سلمة ، عن أم سلمة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا إسناد غريب ، عزيز قد توالى فيه خمسة تابعيون بعضهم عن بعض ، ومن حيث العدد : كأنني صافحت فيه النسائي .

ورواه أيضا ابن أبي عروبة ، عن قتادة بإسناده ، لكنه لم يسم فيه نافعا ، بل قال : عن مولى أم سلمة ، عنها ، وحديث عائشة هو في صحيح [ ص: 61 ] مسلم من طريق إسماعيل بن جعفر ، عن عبد الله بن عبد الرحمن وهو أبو طوالة ، ولم يخرج البخاري لأبي يونس شيئا فيما علمت ، والله أعلم .

قال أبو عبد الله الحاكم - وذكر سادة من أئمة التابعين بالمدينة ، كابن المسيب ، ومن بعده - قال : فما ضربت أكباد الإبل من النواحي إلى أحد منهم دون غيره ، حتى انقرضوا وخلا عصرهم ، ثم حدث مثل ابن شهاب ، وربيعة ، ويحيى بن سعيد ، وعبد الله بن يزيد بن هرمز ، وأبي الزناد ، وصفوان بن سليم ، وكلهم يفتي بالمدينة ، ولم ينفرد واحد منهم بأن ضربت إليه أكباد الإبل حتى خلا هذا العصر فلم يقع بهم التأويل في عالم أهل المدينة . ثم حدث بعدهم مالك ، فكان مفتيها ، فضربت إليه أكباد الإبل من الآفاق ، واعترفوا له ، وروت الأئمة عنه ممن كان أقدم منه سنا ، كالليث عالم أهل مصر والمغرب ، وكالأوزاعي عالم أهل الشام ومفتيهم ، والثوري ، وهو المقدم بالكوفة ، وشعبة عالم أهل البصرة . إلى أن قال : وحمل عنه قبلهم يحيى بن سعيد الأنصاري حين ولاه أبو جعفر قضاء القضاة ، فسأل مالكا أن يكتب له مائة حديث حين خرج إلى العراق ، ومن قبل كان ابن جريج حمل عنه .

أبو مصعب : سمعت مالكا يقول : دخلت على أبي جعفر أمير المؤمنين ، وقد نزل على مثال له - يعني فرشه - وإذا على بساطه دابتان ما تروثان ولا تبولان ، وجاء صبي يخرج ثم يرجع ، فقال لي : أتدري من هذا ؟ قلت : لا . قال : هذا ابني ، وإنما يفزع من هيبتك ، ثم ساءلني عن أشياء منها حلال ، ومنها حرام ، ثم قال لي : أنت - والله - أعقل الناس ، وأعلم الناس . قلت : لا والله يا أمير المؤمنين . قال : بلى . ولكنك تكتم . ثم قال : والله لئن بقيت لأكتبن قولك كما تكتب المصاحف ، ولأبعثن به إلى [ ص: 62 ] الآفاق ، فلأحملنهم عليه .

الحسن بن عبد العزيز الجروي : حدثنا عبد الله بن يوسف ، عن خلف بن عمر ، سمع مالكا يقول : ما أجبت في الفتوى حتى سألت من هو أعلم مني : هل تراني موضعا لذلك ؟ سألت ربيعة ، وسألت يحيى بن سعيد ، فأمراني بذلك . فقلت : فلو نهوك ؟ قال : كنت أنتهي ، لا ينبغي للرجل أن يبذل نفسه حتى يسأل من هو أعلم منه .

قال خلف : ودخلت عليه ، فقال : ما ترى ؟ فإذا رؤيا بعثها بعض إخوانه ، يقول : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام ، في مسجد قد اجتمع الناس عليه ، فقال لهم : إني قد خبأت تحت منبري طيبا أو علما ، وأمرت مالكا أن يفرقه على الناس ، فانصرف الناس وهم يقولون : إذا ينفذ مالك ما أمره به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم بكى ، فقمت عنه .

أحمد بن صالح : سمعت ابن وهب يقول : قال مالك : لقد سمعت من ابن شهاب أحاديث كثيرة ، ما حدثت بها قط ، ولا أحدث بها .

نصر بن علي الجهضمي حدثني حسين بن عروة قال : قدم المهدي ، فبعث إلى مالك بألفي دينار ، أو قال : بثلاثة آلاف دينار ، ثم أتاه الربيع بعد ذلك ، فقال : إن أمير المؤمنين يحب أن تعادله إلى مدينة [ ص: 63 ] السلام ، فقال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون والمال عندي على حاله .

محمود بن غيلان ، حدثنا إسماعيل بن داود المخراقي : سمعت مالكا يقول : أخذ ربيعة الرأي بيدي ، فقال : ورب هذا المقام ، ما رأيت عراقيا تام العقل ، وسمعت مالكا يقول : كان عطاء بن أبي رباح ضعيف العقل .

ياسين بن عبد الأحد ، حدثني عمر بن المحبر الرعيني ، قال : قدم المهدي المدينة ، فبعث إلى مالك ، فأتاه ، فقال لهارون وموسى : اسمعا منه ، فبعث إليه ، فلم يجبهما ، فأعلما المهدي ، فكلمه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، العلم يؤتى أهله . فقال : صدق مالك ، صيرا إليه ، فلما صارا إليه ، قال له مؤدبهما : اقرأ علينا ، فقال : إن أهل المدينة يقرءون على العالم ، كما يقرأ الصبيان على المعلم ، فإذا أخطئوا ، أفتاهم . فرجعوا إلى المهدي ، فبعث إلى مالك ، فكلمه ، فقال : سمعت ابن شهاب يقول : جمعنا هذا العلم في الروضة من رجال ، وهم يا أمير المؤمنين : سعيد بن المسيب ، وأبو سلمة ، وعروة ، والقاسم ، وسالم ، وخارجة بن زيد ، وسليمان بن يسار ، ونافع ، وعبد الرحمن بن هرمز ، ومن بعدهم : أبو الزناد ، وربيعة ، ويحيى بن سعيد ، وابن شهاب ، كل هؤلاء يقرأ عليهم [ ص: 64 ] ولا يقرءون ، فقال : في هؤلاء قدوة ، صيروا إليه ، فاقرءوا عليه ، ففعلوا .

قتيبة : حدثنا معن ، عن مالك ، قال : قدم هارون يريد الحج ، ومعه يعقوب أبو يوسف ، فأتى مالك أمير المؤمنين ، فقربه وأكرمه ، فلما جلس ، أقبل إليه أبو يوسف ، فسأله عن مسألة فلم يجبه ، ثم عاد فسأله فلم يجبه ، ثم عاد فسأله . فقال هارون : يا أبا عبد الله ، هذا قاضينا يعقوب ، يسألك ، قال : فأقبل عليه مالك ، فقال : يا هذا ، إذا رأيتني جلست لأهل الباطل ، فتعال أجبك معهم .

السراج : حدثنا قتيبة : كنا إذا دخلنا على مالك ، خرج إلينا مزينا مكحلا مطيبا ، قد لبس من أحسن ثيابه ، وتصدر الحلقة ، ودعا بالمراوح ، فأعطى لكل منا مروحة .

محمد بن سعد : حدثني محمد بن عمر ، قال : كان مالك يأتي المسجد ، فيشهد الصلوات والجمعة والجنائز ، ويعود المرضى ، ويجلس في المسجد ، فيجتمع إليه أصحابه ، ثم ترك الجلوس ، فكان يصلي وينصرف ، وترك شهود الجنائز ، ثم ترك ذلك كله ، والجمعة ، واحتمل الناس ذلك كله ، وكانوا أرغب ما كانوا فيه ، وربما كلم في ذلك ، فيقول : ليس كل أحد يقدر أن يتكلم بعذره . [ ص: 65 ]

وكان يجلس في منزله على ضجاع له ، ونمارق [ مطروحة في منزله يمنة ويسرة ] لمن يأتيه من قريش ، والأنصار ، والناس .

وكان مجلسه مجلس وقار وحلم . قال : وكان رجلا مهيبا نبيلا ، ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط ، ولا رفع صوت ، وكان الغرباء يسألونه عن الحديث ، فلا يجيب إلا في الحديث بعد الحديث ، وربما أذن لبعضهم يقرأ عليه ، وكان له كاتب قد نسخ كتبه ، يقال له : حبيب . يقرأ للجماعة ، ولا ينظر أحد في كتابه ولا يستفهم ، هيبة لمالك ، وإجلالا له ، وكان حبيب إذا قرأ فأخطأ فتح عليه مالك ، وكان ذلك قليلا .

ابن وهب : سمعت مالكا يقول : ما أكثر أحد قط فأفلح .

حرملة : حدثنا ابن وهب ، قال لي مالك : العلم ينقص ولا يزيد ، ولم يزل العلم ينقص بعد الأنبياء والكتب . [ ص: 66 ]

أحمد بن مسعود المقدسي : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنيني ، قال : كان مالك يقول : والله ما دخلت على ملك من هؤلاء الملوك حتى أصل إليه ، إلا نزع الله هيبته من صدري .

حرملة : حدثنا ابن وهب : سمعت مالكا يقول : اعلم أنه فساد عظيم أن يتكلم الإنسان بكل ما يسمع .

هارون بن موسى الفروي : سمعت مصعبا الزبيري يقول : سأل هارون الرشيد مالكا ، وهو في منزله ، ومعه بنوه ، أن يقرأ عليهم . قال : ما قرأت على أحد منذ زمان وإنما يقرأ علي ، فقال : أخرج الناس حتى أقرأ أنا عليك ، فقال : إذا منع العام لبعض الخاص ، لم ينتفع الخاص . وأمر معن بن عيسى ، فقرأ عليه .

إسماعيل بن أبي أويس ، قال : سألت خالي مالكا عن مسألة ، فقال لي : قر . ثم توضأ ، ثم جلس على السرير ، ثم قال : لا حول ولا قوة إلا بالله . وكان لا يفتي حتى يقولها .

ابن وهب : سمعت مالكا يقول : ما تعلمت العلم إلا لنفسي ، وما تعلمت ليحتاج الناس إلي ، وكذلك كان الناس .

إسماعيل القاضي : سمعت أبا مصعب يقول : لم يشهد مالك الجماعة خمسا وعشرين سنة ، فقيل له : ما يمنعك ؟ قال : مخافة أن أرى منكرا ، فأحتاج أن أغيره .

إبراهيم الحزامي : حدثني مطرف بن عبد الله ، قال لي مالك : ما يقول الناس في ؟ قلت : أما الصديق فيثني ، وأما العدو فيقع . فقال : ما [ ص: 67 ] زال الناس كذلك ، ولكن نعوذ بالله من تتابع الألسنة كلها .

أحمد بن سعيد الرباطي سمعت عبد الرزاق يقول : سأل سندل مالكا عن مسألة ، فأجابه ، فقال : أنت من الناس ، أحيانا تخطئ ، وأحيانا لا تصيب ، قال : صدقت . هكذا الناس . فقيل لمالك : لم تدر ما قال لك ؟ ففطن لها ، وقال : عهدت العلماء ، ولا يتكلمون بمثل هذا ، وإنما أجيبه على جواب الناس .

حرملة : حدثنا ابن وهب : سمعت مالكا يقول : ليس هذا الجدل من الدين بشيء .

ابن وهب ، عن مالك ، قال : دخلت على المنصور ، وكان يدخل عليه الهاشميون ، فيقبلون يده ورجله - عصمني الله من ذلك - .

الحارث بن مسكين : أخبرنا ابن القاسم قال : قيل لمالك : لم لم تأخذ عن عمرو بن دينار ؟ قال : أتيته ، فوجدته يأخذون عنه قياما ، فأجللت حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن آخذه قائما .

إبراهيم بن المنذر : حدثنا معن ، وغيره ، عن مالك ، قال : لا يؤخذ العلم عن أربعة : سفيه يعلن السفه ، وإن كان أروى الناس ، وصاحب بدعة يدعو إلى هواه ، ومن يكذب في حديث الناس ، وإن كنت لا أتهمه في [ ص: 68 ] الحديث ، وصالح عابد فاضل إذا كان لا يحفظ ما يحدث به .

أصبغ : حدثنا ابن وهب ، عن مالك - وسئل عن الصلاة خلف أهل البدع ؛ القدرية وغيرهم - فقال : لا أرى أن يصلى خلفهم . قيل : فالجمعة ؟ قال : إن الجمعة فريضة ، وقد يذكر عن الرجل الشيء ، وليس هو عليه . فقيل له : أرأيت إن استيقنت ، أو بلغني من أثق به ، أليس لا أصلي الجمعة خلفه ؟ قال : إن استيقنت . كأنه يقول : إن لم يستيقن ذلك ، فهو في سعة من الصلاة خلفه .

أبو يوسف أحمد بن محمد الصيدلاني : سمعت محمد بن الحسن الشيباني يقول : كنت عند مالك فنظر إلى أصحابه ، فقال : انظروا أهل المشرق ، فأنزلوهم بمنزلة أهل الكتاب إذا حدثوكم ، فلا تصدقوهم ، ولا تكذبوهم ، ثم التفت ، فرآني ، فكأنه استحيا ، فقال : يا أبا عبد الله ، أكره أن تكون غيبة ، هكذا أدركت أصحابنا يقولون .

قلت : هذا القول من الإمام قاله لأنه لم يكن له اعتناء بأحوال بعض القوم ، ولا خبر تراجمهم ، وهذا هو الورع . ألا تراه لما خبر حال أيوب السختياني العراقي كيف احتج به . وكذلك حميد الطويل ، وغير واحد ممن روى عنهم . وأهل العراق كغيرهم ، فيهم الثقة الحجة ، والصدوق ، والفقيه ، والمقرئ ، والعابد ، وفيهم الضعيف ، والمتروك ، والمتهم . وفي " الصحيحين " شيء كثير جدا من رواية العراقيين - رحمهم الله - . وفيهم من التابعين كمثل علقمة ، ومسروق ، وعبيدة ، والحسن ، [ ص: 69 ] وابن سيرين ، والشعبي ، وإبراهيم ، ثم الحكم ، وقتادة ، ومنصور ، وأبي إسحاق ، وابن عون ، ثم مسعر ، وشعبة ، وسفيان ، والحمادين ، وخلائق أضعافهم ،
 

=====محنة الامام مالك=======

في الصفة التالية ان شاء الله

 

What are the details of the provisions of the census kits to reach the term of abstinence or divorce? //ما هي تفصيلات مراحل الطلاق ؟

  What are the details of the provisions of the census kits to reach the term of abstinence or divorce? ➌ Blog1. Tuesday, September 7, 2021 ...